حق الملكية العقارية من أهم مفردات وركائز الثروة على مستوى الفرد والدولة، حيث تتجلى التعاملات فيه عبر العديد من الإجراءات القانونية و المادية.

إن أهم هذه التعاملات هو عقد “البيع” ، الذي اكتسب شهرة واسعة جداً بين الناس، نظراً لما يحققه من نقل حق الملكية العقارية و حقوق أخرى عينية أصلية وحقوق تبعية. 

تختلف قوانين البيع والشراء وحقوق الملكية بين الدول، فكيف يتم حماية حق الملكية العقارية في دولة الإمارات ؟


حق الملكية العقارية في دولة الإمارات العربية المتحدة:

حق الملكية العقارية
حق الملكية العقارية

أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ زمن بعيد، أهمية حماية حق الملكية العقارية، لذا فقد وضعت من القوانين والتشريعات الاتحادية، والقوانين المحلية بكل إمارة، ما يحمي هذا الحق ويصونه.

تجلت رؤيتها الرشيدة  بأنه لا جدوى من تقرير حق الملكية العقارية، إن لم تكن هناك وسائل وأدوات ناجعة تحميها من الاعتداء الذي يقع عليها من الغير سواء بحسن نية أو سوء نية.

في ضوء ذلك، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مطرد وسريع جملة من التشريعات والقوانين، لتحمي حق الملكية العقارية، والتي أهمها: 

  • قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة ،1985 الذي نص على أن الحق يكون شخصيًا أو عينيًا أو معنويًا.
  • الحقوق العينية هي حق الملكية والتصرف والانتفاع والاستعمال.
  • الملكية في العقارات لا تنتقل بين المتعاقدين إلا بالتسجيل وفقًا لأحكام القوانين الخاصة به.
  • أهم التزامات البائع هو نقل ملكية المبيع إلي المشتري، بمجرد تمام البيع ما لم يقضي القانون أو الاتفاق بغير ذلك.

ما التشريعات التي قامت بإصدارها إمارة دبي على وجه الخصوص؟

بالتزامن مع التشريعات والقوانين الاتحادية، قامت الحكومة المحلية بإمارة دبي بإصدار عدة تشريعات بخصوص تنظيم السجل العقاري في الإمارة سواء فيما يتعلق بالعقارات المنجزة أو العقارات التي تباع على الخارطة حسب الأحوال.


وسائل حماية حق الملكية العقارية في دولة الإمارات:

 تتعدد أنواع ووسائل حماية حق الملكية العقارية في دولة الإمارات، و خصوصًا في حالة تقاعس البائع عن القيام بالتزامه بنقل ملكية العقار المبيع إلي المشتري، ومن أهم هذه الوسائل القضائية :

  • دعوى صحة ونفاذ عقد البيع.
  • تثبيت الملكية.
  • دعوى الاستحقاق.

1- دعوى صحة ونفاذ عقد البيع :

يجري العمل بالقضاء الاتحادي أو القضاء ب إمارة دبي على أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى صحة التعاقد، وهي تعد وسيلة لإجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل الملكية تنفيذًا عينيًا إلى المشتري.

يحصل بموجبها المشتري على حكم يقوم مقام التسجيل للعقد في نقل الملكية، وترفع هذه الدعوى في حالة امتناع البائع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية والقيام بالأعمال اللازمة لذلك.

تعد دعوى صحة ونفاذ عقد البيع، دعوى شخصية، يستند فيها المشتري إلى حقه الشخصي المتولد عن عقد البيع غير المسجل، كما أنها دعوى عقارية، يكمن  الهدف منها في  الحصول على حق عيني يقع على عقار، بالإضافة إلى أنها دعوى موضوعية تتناول حقيقة التعاقد ومداه ونفاذه.

يعتبر الحكم الصادر فيها حكمًا مقررًا لا منشئًا حيث يبحث أساس ملكية البائع للمبيع ثم يبحث شروط صحة عقد البيع وأركانه وما يتعلق بسداد الثمن، والصورية وخلافه.

فإذا تبينت المحكمة من كافة ما سبق، أصدرت حكمًا مقررًا بصحة التعاقد ونفاذه.

هل يقوم الحكم مقام التسجيل؟

يقوم ذلك الحكم مقام التسجيل الذي يحفظ للمشتري حق ملكية العقار المبيع وحمايته من صور الاعتداء عليه، سواء بتعدد البيوع على ذات العقار من قبل البائع، أو الحجز عليه من قبل دائني المالك الأصلي للعقار (البائع).

2- تثبيت الملكية:

دعوى تثبيت الملكية هي المطالبة بالحصول على حق دائم لا يسقط بمجرد عدم الاستعمال مهما طال الزمن، حيث يكتسبه الخصم إذا توافرت له شروط وضع اليد على العقار لمدة طويلة تمنحه الملكية

قد نص القانون المدني على أنه  من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له أو حاز حقا عينيا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به، كان له أن يكسب ملكية الشيئ أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشر سنة.

3- دعوى الاستحقاق:

تعتبر دعوى الاستحقاق من صور الحماية القانونية والقضائية لحق الملكية العقارية.

  •  تعريف دعوى الاستحقاق:

هي دعوى يرفعها مالك العقار الذي يطالب بتثبيت ملكية عقاره لنفسه سواء كان العقار في حيازته أو خرج من حيازته.

تخضع هذه الدعوى للقواعد العامة للمقاضاة، وينتقل الاختصاص القضائي فيها إلى محكمة موقع العقار كإجراء عيني هدفه المطالبة بإثبات ملكية العقار لصالح المدعي فيها.

 من صور تعرض حق الملكية العقارية للخطر والضياع في حالة العقارات المبيعة بعقود غير مسجلة نتيجة تقاعس البائع عن الوفاء بالتزاماته بنقل الملكية للعقار المبيع، هي صورة قيام دائن البائع بالحجز على العقار المبيع كله أو بعضه.


صورة حول الإجراءات المتخذة في دولة الإمارات لحماية حق الملكية العقارية:

حمايةً من المشرع لحق المشتري (المالك) للعقار الذي يتم الحجز عليه لعدم إتمام إجراءات نقل ملكيته ودعما لإجراءات حماية حق الملكية العقارية في دولة الإمارات، فقد نصت المادة 166 فقرة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2018 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 بشأن قانون الإجراءات المدنية، على أنه :

 يجوز للغير طلب بطلان إجراءات التنفيذ مع طلب استحقاق العقار المحجوز عليه أو بعضه، وذلك عن طريق دعوى ترفع بالإجراءات المعتادة أمام المحكمة المختصة ويختصم فيها الدائن الحاجز والدائنين المشار إليهم في المادة (150) من اللائحة المذكورة والمدين أو الحائز أو الكفيل العيني.

 تقضي المحكمة في أول جلسة بوقف إجراءات البيع إذا اشتملت صحيفة الدعوى علي بيان دقيق لأدلة الملكية أو لوقائع الحيازة التي تستند إليها الدعوى وأرفقت بها المستندات التي تؤيدها.

 صحة ونفاذ عقد البيع لعام 2005 :

في أحدث الأحكام القضائية الناصعة التي تحصل عليها مكتب خير الله للمحاماة والاستشارات القانونية، لصالح أحد عملائه وموكليه، أصدرت محكمة استئناف دبي الموقرة التزامًا بحكم محكمة تمييز دبي الموقرة حكمًا ناصعًا بصحة ونفاذ عقد البيع الذي يعود إلى عام 2005 ويرفع الحجز التنفيذي الموقع على الوحدة العقارية التي اشتراها مالك الوحدة (عميل المكتب) منذ عام 2005.

 لقد تقاعست البائعة عن نقل الملكية وتسجيل عقد البيع، وقام أحد دائني البائعة بالحجز على تلك الوحدة، وبعد أن قام مكتب خير الله للمحاماة والاستشارات القانونية بتبني قضية الدفاع عن حقوق موكله.

  قدم المكتب لعدل المحكمة المستندات الثبوتية الدالة على صحة التعاقد وسداد كامل الثمن وحيازته للوحدة، والتي تم الحجز عليها رغم كل ذلك لأحد دائني البائعة.

 علي الرغم مما سبق قام القضاء برفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع ورفع الحجز، إلا أن مكتب خير الله، إيمانًا منه بحق موكله وإيمانًا منه بعدالة القضاء، وبأهمية الحفاظ على حق الملكية العقارية في دولة الإمارات.

 لذلك فإنه قد ناضل في الدفاع عن حقوق موكله حتى كان له ما أراد، وأصدرت محكمة استئناف دبي العقارية حكمها الناصع العادل بصحة ونفاذ عقد البيع و برفع الحجز التنفيذي عن الوحدة، واعتباره كأن لم يكن.