منذ تأسيسها، إعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة بقاءها رائدة في أمر المالية الإسلامية. وذلك، من أجل تزويد المجتمع الإماراتي بحلول مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وتعتبر الإمارات اليوم واحدة من أكثر الدول تطوراً في المالية الإسلامية، بوجود قطاع مصرفي ثري يتألف من مصارف إسلامية، ونوافذ مصرفية إسلامية، وشركات تمويل إسلامية، بالإضافة الى شركات تأمين إسلامية تكافلية.

وتوافق هذا التطور مع رؤية الدولة الإماراتية الى توفير كافة المنتجات والخدمات المبتكرة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ولمعرفة أسس التمويل الإسلامي في الإمارات، يجب معرفة الأساسيات، فما المقصود بالإجارة، وما الفرق بين التمويل الإسلامي وغيره من أنواع التمويل الآخرى؟

ما هو تمويل الإجارة؟
هو شكل من أشكال المنتجات المصرفية الإسلامية. و بموجب مفهوم الإجارة في نظام المصرفي الإسلامي، يمكن للعميل استئجار أصل أو معدات مملوكة للبنك الإسلامي لفترة زمنية محددة مقابل أجر ثابت.

و تشبه الإجارة إلى حد كبير عقد التأجير، حيث يمكن أن يشمل الأصل المؤجر سيارة أو منزل أو مصنع أو آلة. لكن الفرق، هو أن التمويل بالإجارة يتم نقل حق الانتفاع من الأصل إلى العميل، دون نقل ملكيته.

يقوم البنك الإسلامي بنقل حق الانتفاع للعميل لفترة محددة مقابل أجر متفق عليه. ويشترط أن يكون الأصل الذي يتم تأجيره غير قابل للتلف أو الاستهلاك المباشر.

أما الأصول التي لا يمكن الاحتفاظ بها أثناء الاستخدام، مثل الأموال والسلع، فلا يمكن أن تكون موضوعًا لعقد الإجارة.

إقرأ المزيد عن: أهم الوسائل التشريعية لحماية حق الملكية العقارية في الإمارات 

الإلتزام بمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية في التمويل الإسلامي
يستند التمويل الإسلامي في الإمارات إلى مجموعة من المبادئ الرئيسية التي تميزه عن الأنظمة المالية التقليدية الآخرى، من هذه المبادئ:
تحريم الربا
يمنع التمويل الإسلامي في الإمارات تمامًا دفع أو استلام الفائدة (الربا). حيث يُعتبر الربا استغلالًا، ويُنظر إلى أي عائد مضمون على الأموال المقترضة على أنه غير عادل.

بدلاً من ذلك، يركز التمويل الإسلامي على ترتيبات تقاسم الأرباح، حيث يتحمل الطرفان مخاطر الاستثمار ويشتركان في الأرباح.
تحريم بيع الغرر
يُعرف بيع الغرر بأنه عبارة عن إما إبرام عقد أو شراء سلعة مع وجود احتمالية الحصول على نصف هذا العقد او هذه السلعة وإحتمالية عدم الحصول عليهم، مما يشير إلى أن هناك عدم يقين أو غموض مفرط في العقود.

التمويل الإسلامي يتطلب أن تكون جميع شروط وأحكام المعاملات المالية واضحة وشفافة. وذلك، لضمان العدالة ومنع لأطراف من الدخول في اتفاقيات قد تكون نتائجها غير معروفة.

ويعد بيع الغرر مشابهاً جداً للنظام المتبع في القمار – وهذا لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية

الاستثمار في الأعمال المُحرمة
يُمنع الاستثمار في الأعمال التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل الكحول، والقمار، وإنتاج لحم الخنزير.

تشجيع تقاسم المخاطر
يشجع التمويل الإسلامي على تقاسم المخاطر بين الأطراف. و يظهر هذا المبدأ في منتجات مالية إسلامية مثل المضاربة (تقاسم الأرباح) والمشاركة (المشروعات المشتركة)، حيث يتم تقاسم الأرباح والخسائر بين المشاركين بناءً على نسب متفق عليها.

الاعتماد على الأصول المالية الحقيقية
يشترط التمويل الإسلامي في الإمارات أن تكون جميع المعاملات المالية مدعومة بأصول ملموسة. و يضمن هذا المبدأ أن يتم استخدام الأموال لأغراض إنتاجية وليس للمضاربة.

وتُعد منتجات مثل الإجارة (التأجير) والمرابحة (التمويل بالهامش الربحي) أمثلة على الامتثال لهذا المبدأ.

إقرأ المزيد عن: جريمة خيانة الأمانة في التشريع الإماراتي

الفرق بين التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي
بشكل مختصر، يعد التمويل الإسلامي ذو ربح ثابت، لا يتغير بعد العقد. بينما التمويل التقليدي، يعد ربحاً متغيراً بإستمرار كلما تم التأخير عن السداد.

مما يعني أن التمويل التقليدي قائم على مبدأ فائدة (بمثابة التجارة في الأموال عن طريق القروض والديون) دون جهد أو مخاطرة.

بينما التمويل الإسلامي قائم على مبدأ الربح (بمثابة الإستثمار في الشراكات والتجارة وحصول الممول نسبة من الربح المحقق) وبذلك يكون معرضاً للمخاطر الطبيعية الناتجة عن هذه التجارة والشراكات حتى إن كانت نسبتها قليلة.

الصلح الواقي من الإفلاس في القانون الإماراتي – ماذا عليك معرفته

المنتجات المالية الإسلامية وهياكلها القانونية في دولة الإمارات
المضاربة
تعد المضاربة شراكة يقوم الطرف الأول بتوفير رأس المال بينما الآخر يوفر خبرته وقدرته على الإدارة.

يتم تقاسم الأرباح في نظام المضاربة بناءً على نسبة متفق عليها مسبقًا، بينما يتحمل موفر رأس المال الخسائر. ومن الجدير بالذكر، أنه يجب أن توضح الاتفاقيات القانونية للمضاربة بشكل صريح، بالإضافة الى توضيح دور كل من الأطراف المشاركة والمسؤوليات ونسب تقاسم الأرباح.

المشاركة
هي مشروع مشترك يساهم فيه جميع الشركاء برأس المال معين، ويتم تقاسم الأرباح والخسائر بناءً على استثماراتهم.

تُعزز المشاركة من فكرة التمويل بالملكية، حيث توزع المخاطر بين جميع المشاركين. و يجب أن تكون الوثائق القانونية في المشاركة دقيقة في تحديد مساهمات كل شريك ومسؤولياته.

المرابحة
تعد المرابحة عقد بيع يقوم فيه البائع بالكشف عن التكلفة والهامش الربحي للمشتري. و يُستخدم عادة في تمويل الأصول، مثل شراء العقارات أو السلع.

على سبيل المثال، يقوم البنك بشراء سلعة بناءاً على طلب العميل، ثم يقوم ببيعها برأس مال زائد ربح (ثابت) لا يتغير حتى لو تم التأخير في السداد والإقراض. ولذلك، تتطلب عقود المرابحة الشفافية في التسعير والامتثال لتحريم الربا.

الإجارة
كما ذكرنا سابقاً، الإجارة هو عقد تأجير يحتفظ فيه المؤجر بملكية الأصل، بينما يدفع المستأجر الإيجار مقابل استخدامه.

و يجب أن تضمن عقود الإجارة أن يتحمل المؤجر المخاطر المرتبطة بالملكية، وأن لا تكون مدفوعات الإيجار مشابهة للفوائد.

الصكوك
تعبتر الصكوك شهادات مالية إسلامية تشبه السندات ولكنها مُهيكلة لتتوافق مع الشريعة.

على عكس السندات التقليدية، تمثل الصكوك ملكية في أصل ملموس أو مجموعة من الأصول، وتستند العوائد إلى دخل الأصل بدلاً من الفائدة. و يتطلب الإطار القانوني لإصدار الصكوك الامتثال لمبادئ مثل دعم الأصول وتقاسم الأرباح.

إقرأ المزيد عن: ما هي الجرائم التي يطبق عليها أحكام الامر الجزائي؟

الإطار التنظيمي للتمويل الإسلامي في الإمارات
يعمل التمويل الإسلامي تحت مجموعة من القوانين الخاصة التي تختلف عن تلك التي تحكم التمويل التقليدي بالطبع.

حيث تم تصميم هذه القوانين لضمان التزام الأنشطة المالية بمبادئ الشريعة مع الحفاظ على سلامة النظام المالي.

في العديد من البلدان، يتم تنظيم التمويل الإسلامي من قبل السلطات الوطنية كالبنوك المركزية أو الهيئات التنظيمية المالية.

هذه السلطات مسؤولة عن وضع الأطر القانونية لعمليات التمويل الإسلامي، بما في ذلك الترخيص، الإشراف، والامتثال. وتعد دولة الإمارات من أبرز البلدان التي أنشأت هيئات تنظيمية مخصصة لمراقبة هذا القطاع.

نوع آخر من الإطارات التنظيمية في التمويل الإسلامي في الإمارات هي مجالس الشريعة. حيث تتكون هذه المجالس من علماء متخصصين في الشريعة يقومون بمراجعة المنتجات المالية والموافقة عليها لضمان توافقها مع الأحكام الإسلامية.

و يُطلب من المؤسسات المالية في الإمارات التي تقدم منتجات إسلامية أن يكون لديها مجلس شرعي يقوم بالتحقق من الامتثال الشرعي لمنتجاتها.

وهناك أمثلة أخرى عديدة من الهياكل التنظيمية التي تعمل على تقديم التمويلات الإسلامية، بالإضافة الى حل النزاعات المتعلقة بهم كمجالس الشرعية الوطنية.

و هدفت الإمارات الى توفير كافة المؤسسات القائمة على مبادئ وأسس الشريعة الإسلامية، من أجل حماية حقوق مواطينيها، وتوفير كافة الخيارات الملائمة لهم لحوصلهم على التمويلات الإسلامية.

إقرأ المزيد عن: الإختصاص الولائي للمحاكم بدولة الإمارات العربية المتحدة

الفرق بين الرهن العقاري والتمويل العقاري
الفرق بين الرهن العقاري والتمويل العقاري يكمن في كيفية تنظيم عملية الشراء والتعامل مع العقار وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية:
التمويل العقاري: يعتمد على مبدأ الإجارة، حيث يقوم البنك بشراء العقار الذي يختاره العميل، ثم يؤجره له بمبالغ شهرية محددة. يُتبع هذا الإجراء أحكام الشريعة، حيث تكون فترة السداد متفق عليها مسبقًا، وتتم العملية بدون فوائد أو أرباح زائدة. و عند انتهاء فترة السداد، ينتقل ملكية العقار إلى العميل.
الرهن العقاري: يعتمد على مبدأ تقديم مبلغ مالي (كاش) للعميل، الذي يقوم بدوره بشراء العقار. يقوم العميل برهن العقار للبنك كضمان للدين. و يتم احتساب فوائد على المبلغ المالي الذي قدمه البنك، مما يجعل هذا النوع من المعاملات مرتبطًا بالربا وغير متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

الختام
في الختام، يظهر الفرق بين التمويل الإسلامي في الإمارات وغيره من أنواع التمويلات التقليدية الأخرى بوضوح في الأسس التي يقوم عليها كل منهما.

حيق يبرز التمويل الإسلامي في الإمارات كبديل متميز للأنظمة المالية التقليدية، وذلك بتجسيد مبادئ الشريعة الإسلامية والإعتماد على الهيكلية المتميزة التي تركز على العدالة والشفافية وتقاسم المخاطر.

و تدعم الهيئات التنظيمية مثل سلطة دبي للخدمات المالية هذه المبادئ من خلال وضع أطر تنظيمية تضمن التزام المؤسسات المالية بالشريعة وتعزز من الشفافية والنزاهة في السوق.

فعن طريق هذه الهيكلية المتميزة، يمكن للتمويل الإسلامي أن يلبي احتياجات الأفراد والشركات بشكل يتماشى مع القيم الإسلامية ويعزز من الاستدامة المالية.

إذا كنت تريد الحصول على تمويل إسلامي، وتريد معرفة جميع حقوقك في إطار القانون الإماراتي، مكتب خيرالله للمحاماة في دبي يقدم إستشارات قانونية مجانية لمدة 30 دقيقة، من أجل تلبية جميع مواطني الإمارات في استفساراتهم وقضاياهم القانونية.