الإعلان القضائي، هو نقطة الانطلاق في انعقاد الخصومة، ولما كان مبدأ المواجهة القضائية بين أطراف التداعي – من المبادئ الرصينة التي تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة علي تحقيقها – وصولاً لعدالة حقيقية تتاح فيها لكل طرف فرصة حقيقية في الدفاع عن نفسه والدفاع عن حقوقه، وهذه المواجهة لن تتم إلا إذا أعلن المدعي خصمه – بدعواه التي أقامها – إعلانــًا صحيحًا يتحقق منه الغاية التي تواخاها المشرع، يتحقق علم الخصوم وتوجيه الدعوة لحضورهم أمام المحكمة وتقديم دفاعهم.
وقد حاول المشرع بدولة الإمارات العربية المتحدة اختزال الوقت وتقليل المعوقات التي كانت تطيل أمد التقاضي وترهق المدعي صاحب الحق وتستنزف وقت القضاء الثمين.
لذلك فقد تضمن قانون الإجراءات المدنية – بالدولة – الصادر بالمرسوم بقانون رقم 42 لسنة 2022 آليات متنوعة للإعلانات القضائية وعالج وسائل الإعلان المتنوعة ومايز بين إعلان الشخص الطبيعي وإعلان الشخص الاعتباري.
حيث نصت المادة 9 من المرسوم بقانون المذكور علي ما يلي :
- يتم إعلان الشخص المعلن إليه بأي من الطرق الآتية :المكالمات المسجلة الصوتية أو المرئية أو الرسائل النصية الهاتفية علي الهاتف المحمول أو التطبيقات الذكية أو البريد الإلكتروني أو الفاكس أو وسائل التقنية الأخرى أو بأي طريقة أخرى يتفق عليها الطرفان من الطرق الواردة في هذا القانون.
- لشخصه أينما وجد أو في موطنه أو محل إقامته أو لوكيله، فإذا لم يبلغ الإعلان بسبب يرجع إلي المعلن إليه أو رفض التبليغ به بعد ذلك تبليغــًا لشخصه، وإذا لم يجد القائم بالإعلان الشخصي المطلوب إعلانه في موطنه أو محل إقامته، فعليه أن يبلغ الإعلان إلي أي من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار أو العاملين في خدمته، وفي حال رفض أي من المذكورين أعلاه استلام الإعلان أو لم يجد أحدًا ممن يصح تسليم الإعلان إليه، فعليه مباشرة أن يلصق الإعلان بشكل واضح علي الباب الخارجي لمحل إقامته، أو بالإدراج في الموقع الإلكتروني للمحكمة.
- في موطنه المختار.
- في محل عمله، وإذا لم يجد الشخص المطلوب إعلانه، فعليه أن يبلغ الإعلان لرئيسه في العمل أو لمن يقرر أنه من القائمين علي إدارته أو من العاملين فيه ويستثني من ذلك، الإعلانات المتعلقة بدعاوي الأحوال الشخصية، فإنها تبلغ لشخصه في محل عمله إذا تعذر إعلان المطلوب إعلانه وفق البند (1) من هذه المادة يُعرض الأمر علي مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص أو رئيس الدائرة بحسب الأحوال للتحري من جهة واحدة علي الأقل من الجهات ذات العلاقة ثم إعلانه بالإدراج علي الموقع الإلكتروني للمحكمة أو بالنشر في صحيفة يومية إلكترونية أو ورقية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية ، وبصحيفة أخرى تصدر بلغة أجنبية إن اقتضي الأمر وكان المطلوب إعلانه أجنبيًا.
كما نصت المادة 2 & 1/10 من ذات المرسوم بقانون علي أن : ” … فيما لم يرد بشأنه نص خاص في أي تشريع أخر تبلغ صورة الإعلان علي الوجه الآتي
- الوزارات والدوائر الحكومية الاتحادية والمحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة علي اختلافها، يبلغ الإعلان إلي من يمثلها قانونــًا
- الأشخاص الاعتبارية الخاصة والجمعيات والشركات والمؤسسات الخاصة والفردية والشركات الأجنبية التي لها فرع أو مكتب في الدولة إذا كان الإعلان متعلقــًا بفرع الشركة تعلن وفق أحكام البند (1) من المادة (9) من هذا القانون، ويبلغ الإعلان بمركز إدارتها للنائب عنها قانونـــًا أو لمن يقوم مقامه أو لأحد الشركاء فيها بحسب الأحوال، وفي حال عدم وجود النائب عنها قانونــًا أو من يقوم مقامه يتم التبليغ لأحد موظفي مكتبيهما، فإذا لم يكن لها مركز إدارة أو كانت مغلقة أو رفض مديرها أو أي من موظفيها التبليغ يتم الإعلان بالإدراج علي الموقع الإلكتروني للمحكمة أو باللصق مباشرًة دون إذن من المحكمة أو بالنشر بحسب الأحوال.
ولما كانت أحكام محاكم دبي بدرجاتها (الابتدائية & الاستئنافية & التمييز) كانت تقتضي في حال تعذر الإعلان للمطلوب إعلانه وفق البند (1) من المادة (9) المشار إليه، أن يعرض الأمر علي مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص أو رئيس الدائرة بحسب الأحوال للتحري من جهة واحدة علي الأقل من الجهات ذات العلاقة، ثم إعلانه بالإدراج علي الموقع الإلكتروني للمحكمة، أو بالنشر في صحيفة يومية إلكترونية أو ورقية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية وبصحيفة أخري تصدر بلغة أجنبية إن اقتضي الأمر وكان المطلوب إعلانه أجنبيًا.
ولما كانت الأحكام السابقة من الدرجات الثلاثة المذكورة، كانت تعتبر إجراءات الإعلان في كل مرحلة من مراحل التقاضي مستقلة – بما جري فيها من تحري – وأن ما يجري علي إحداها من بطلان أو صحة لا يكون له أثر علي المرحلة الأخرى، ومن ثم كان ما يلزم التحري عن المطلوب إعلانه في كل مرحلة من مراحل التقاضي لإتمام الإعلان.
وظل هذا المبدأ ساريًا حتى تاريخ 2023/10/24 حينما أصدرت الهيئة العامة لمحكمة التمييز الموقرة – بدبي، قرارها رقم 2023/5 قرارات هيئة عامة، والذي انتهي إلي أنه : “إذا ما تم إجراء التحري عن المعلن إليه لإعلانه بالإدراج علي الموقع الإلكتروني للمحكمة أو بطريق النشر ورأي القاضي المشرف علي مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص أو رئيس الدائرة أو المحكمة بحسب الأحوال من ظروف الدعوى ما لا يستدعي لإعادة التحري لمرة أخرى في إحدى المراحل التالية لنظرها يجوز لهم إعمالاً لسلطتهم التقديرية الاكتفاء بهذا التحري لمرة واحدة والإعلان علي ضوءه بكافة مراحل التقاضي لعدم إطالة الأمد في نظر الدعوى وذلك على سند من أن – الغاية من الإجراء هي وضعه في خدمة الحق , فلو إنتفت تلك الغاية إنتفت العلة من الإجراء.
وإعمالاً لقرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز بكفاية التحري لمرة واحدة بأي مرحلة من مراحل التقاضي، وعدم الحاجة إلي تحري جديد، قضت محكمة التمييز الموقرة لصالح موكل مكتب خير الله للمحاماة والاستشارات القانونية في الطعن رقم 2024/147 تجاري، بصحة الإعلان في ضوء نتيجة التحري لمرة واحدة واعتبار الإعلان بالنشر بناءً علي ذلك التحري الوحيد، في المرحلة اللاحقة للمرحلة التي تم فيها التحري – إعلانــًا صحيحًا – ومنتجًا لآثاره.