من غير المتصور أن تمضي الحياةِ دون نزاعات أو صراعات أو قضايا، لذا كان العدل ولايزال حلمًا يراود الأشخاص والأفراد الواقعون في تلك النزاعات وحتى ممن غير الواقعون فيها، باعتبار العدل والعدالة هما أساس استقرار الشعوب والمجتمعات.
ولما كانت التطورات المتسارعة التي أفرزتها عولمة الأنشطة الحديثة تجاريًا واقتصاديًا بين الأفراد بعضهم البعض أو بين الدول والأشخاص الاعتبارية الخاصة والعامة قد أفرزت العديد من المشكلات التي تستلزم الوصول إلي حلول عادلة وناجزة بذات الوقت.
لذا فقد فطن المشرع الإماراتي إلي أهمية التحكيم – كوسيلة استثنائية لحل النزاعات والقضايا سيما في المنازعات التجارية المحلية والدولية بفاعلية ويُسر وبما يلبي احتياجات المستثمرين ويصون لكل صاحب حق حقه بما يؤدي في النهاية إلي استقرار المعاملات واستقرار المجتمع.
وتماشيًا مع رؤية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في تسهيل إجراءات التقاضي ووسائله، فقد عني قانون الإجراءات المدنية الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 بالنص علي التحكيم وإجراءاته، ثم ألحقته بحزمة تشريعات اتحادية منها القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 2016 بشأن إنشاء مراكز الوساطة والتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية وما لحقه من تعديلات.
وكذا القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم، والمعدل بالمرسوم بالقانون الاتحادي رقم 15 لسنة 2023.
كما أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة عدة مراكز للتوفيق والتحكيم ، هي :
أ. مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري.
ب. مركز دبي للتحكيم الدولي DIAC.
ج. مركز الشارقة للتحكيم التجاري الدولي.
د. مركز عجمان للتوفيق والتحكيم التجاري.
ولطالما كان التحكيم هو الحل الأمثل لحل جميع المشاكل الخاصة في مختلف مجالات الأعمال، لذا فقد وضعت مراكز التحكيم المذكورة القواعد التنظيمية التي يمكن من خلال الالتزام بها الوصول في سهولة ويُسر إلي الهدف الأسمى المنشود، وهو الفصل في النزاعات بأحكام عادلة ومُرضية للأطراف.
أهم قواعــد التحكيم لدي مركز دبي للتحكيم الدولي :
1) التعريف بالمركز : يعتبر مركز دبي للتحكيم الدولي أكبر مركز في المنطقة لفض المنازعات عن طريق الوسائل البديلة، وباعتباره مؤسسة غير ربحية، فقد سمحَ مركز دبي للتحكيم الدولي للأطراف من جميع الجنسيات بتسوية نزاعاتهم التجارية خارج المحاكم القضائية.
حيث تعود نشأة مركز دبي للتحكيم الدولي إلي عام 1994 تحت مُسمي مركز التوفيق والتحكيم التجاري لدي غرفة تجارة وصناعة دبي، ثم تطور ليصبح مركز دبي للتحكيم الدولي وفق المرسوم رقم 10 لسنة 2004.
وفي سبتمبر من عام 2021 أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي – حفظه الله، المرسوم رقم 34 لسنة 2021 بشأن مركز دبي للتحكيم الدولي الذي جعل المركز كيانًا مستقلاً وتم تحديث إطار الحوكمة الخاص به وعزز مكانته كمركز تحكيم رائد بدولة الإمارات العربية المتحدة وبالمنطقة.
إقرأ المزيد عن: ما هي الجرائم التي يطبق عليها الامر الجزائي في القانون الاماراتي؟
2) وبتاريخ 21 مارس 2022 دخلت قواعد التحكيم الجديدة لمركز دبي للتحكيم الدولي خير التنفيذ، وتعد هذه القواعد مكملة لقانون التحكيم الاتحادي، لكونها تتسم بدرجة عالية من المرونة وتهدف تلك القواعد إلي تعزيز سرعة الإجراءات وفعاليتها وتحقيق أعلي معايير التميز والجودة وضمان تقديم خدمات فض المنازعات عن طريق الوسائل البديلة إلي الأطراف من جميع أنحاء العالم وفق أحدث المستجدات الإلكترونية.
3) ويستمد مركز دبي للتحكيم الدولي اختصاصه من خلال الاتفاق المكتوب من الأطراف واختيارهم – التحكيم لدي المركز – كجهة لحل النزاع الناشب أو المحتمل بالمستقبل فيما بينهم.
إقرأ المزيد عن: الإختصاص الولائي للمحاكم في القانون الإماراتي.
4) بدء إجراءات التحكيم :
– يجب علي الطرف الذي يرغب في بدء التحكيم وفق القواعد تقديم طلبًا مكتوبًا إلي مركز دبي للتحكيم الدولي، وقد حددت المادة 4 من القواعد بيانات ومعلومات الطلب علي أن يتم سداد رسم تسجيل الطلب في تاريخ تقديمه لضمان تسجيل الطلب، ومن ثم يقوم المركز بإخطار المحتكم ضده بطلب المحتكم.
– أوجبت المادة 5 من القواعد علي المحتكم ضده الرد علي طلب التحكيم خلال 30 يومًا [ثلاثون يومًا] من تاريخ إخطاره بالطلب، ويحق للمحتكم ضده أن يقدم دعوى متقابلة مع الرد أو في مرحلة لاحقة خلال سير إجراءات التحكيم.
– تفصل هيئة التحكيم في مسألة اختصاصها – بعد أن تطمئن إلي صحة الاتفاق علي التحكيم، كما تفصل في أي اعتراض يتعلق بالاختصاص كمسألة أولية.
– يجوز أن يمثل الأطراف او يساعدهم شخص أو أشخاص من اختيارهم.
– يجب تشكيل هيئة التحكيم من عدد من المحكمين حسب ما اتفق عليه الأطراف، وإذا كان العدد المتفق عليه أكثر من واحد فيجب أن يكون وترًا.
أما إذا لم يتفق الأطراف علي عدد المحكمين، يجب تشكيل هيئة التحكيم من مُحكم فرد، إلا إذا قررت محكمة التحكيم تشكيل هيئة من ثلاثة محكمين.
– في الأحوال التي يكون الأطراف من جنسيات مختلفة يجب ألا يكون المُحكم الفرد أو رئيس هيئة التحكيم من نفس جنسية أي طرف من الأطراف، إلا إذا وافق جميع الأطراف كتابًة علي خلاف ذلك.
– يجب أن يتحلي المُحكم المُعين بالحيدة والاستقلال والتفرغ.
– ويجوز لأي طرف رد المُحكم المُعين بدعوى افتقاده للحيدة أو الاستقلال، شرط أن يتم تقديم طلب الرد في غضون 15 يومًا [خمسة عشر يومًا] من تاريخ استلام إخطار تعيينه أو خلال 15 يومًا [خمسة عشر يومًا] من تاريخ العلم بالظروف المبررة لطلب الرد.
– وبعد الاستقرار علي هيئة التحكيم، يحال ملف الدعوى إلي هيئة التحكيم.
– تتولي هيئة التحكيم الاتفاق مع الأطراف علي لغة التحكيم، ثم تحديد موعد الاجتماع التمهيدي، ويقدم المحتكم دعوى تفصيلية بطلباته، ويقدم المُحتكم ضده خلال مدة زمنية تحددها الهيئة، جوابه علي الدعوى.
– يتحمل كل طرف عبء إثبات الوقائع التي يستند إليها في طلباته أو دفاعه.
– تكون كافة الاجتماعات سرية ولا يجوز حضور أشخاص غير معنيين بالتحكيم دون موافقة أطراف التحكيم والهيئة.
– يجوز لهيئة التحكيم أن تسمح للأطراف بالاستعانة بشهود – وتكون الشهادة مكتوبة – في شكل إقرارات ممهورة بتوقيعاتهم أو شهادة مصحوبة بحلف اليمين.
– بعد أن تعطي الهيئة التحكيمية للاطراف فرصتهم في تقديم دفاعهم تعلن انتهاء الإجراءات، ومن ثم تشرع هيئة التحكيم في إصدار الحكم النهائي وفقًا للقواعد ولأي أحكام ملزمة في القانون الإجرائي واجب التطبيق في مقر التحكيم.
وقد أوجبت القواعد أن يكون إصدار الحكم النهائي خلال مدة (6) شهور [ستة شهور] من تاريخ إحالة الملف إلي هيئة التحكيم من قبل المركز مع جواز تمديد المدة الزمنية بموافقة جميع الأطراف كتابـــًة.
– طبقًا لنص المادة (3 , 2 , 1/33) من قواعد التحكيم ، فإنه إذا اتفق الأطراف علي تسوية النزاع قبل صدور الحكم النهائي تقرر هيئة التحكيم إنهاء التحكيم وتصدر قرار الإنهاء، وإذا طلب جميع الأطراف ذلك، يجوز إثبات شروط التسوية في شكل حكم تحكيم اتفاقي.
– وبعد صدور حكم المحكم النهائي تسلم لكل طرف نسخة منه.
– ولا يتم تنفيذ حكم المحكم الابعد الحصول على حكم من المحكمة المختصة بالتصديق على حكم التحكيم وإكسائه بالصيغة التنفيذية.
يوفر مكتب خيرالله للمحاماة إستشارة قانونية مجانية لمدة 30 دقيقة، قم بإستشارة أفضل المحاميين في دبي، وتعرف على جميع حقوقك القانونية.